تونس جهاز التنبؤ الدقيق

تونس .....والانتخابات ...وجهاز التنبؤ الدقيق

في تونس لازالت استراتيجية مؤسسة رند البحثية .......فعالة

كتبه : خالد غريب

صدر عن " مؤسسة راند RAND Corporation " عدة تقارير متتالية تضع تصورات لشكل الاسلام وخصوصا في منطقة الشرق الاوسط الذي تقطنه اغلبية مسلمة وجاء تقريرها الأخير 2007م ، والذي مكثت مؤسسة راند ثلاث سنوات في إعداده
والذي وضع التصور الشامل للتعاطي الاستراتيجي مع الاسلام وتقنينه ، وتقاريرها التي تُصدرها ترسم خطةُ للسياسية الإمريكية في التعاملِ مع الأحداث في العالم أجمع ، ومنها منطقة ما يسمونه بـ " الشرق الأوسط " ، وقد حمل التقرير الأخير قضايا خطيرة جداً ، وعنون للتقرير " بناء شبكات مسلمة معتدلة Building Moderate Muslim Networks "

، والذي يقع في 217 صفحة لا تنبع خطورته من جراءته في طرح أفكار جديدة للتعامل مع "المسلمين" وتغيير معتقداتهم وثقافتهم من الداخل فقط تحت دعاوى "الاعتدال" بالمفهوم الأمريكي، وإنما يطرح الخبرات السابقة في التعامل مع الشيوعية للاستفادة منها في محاربة الإسلام والمسلمين وإنشاء مسلمين معتدلين

وهو يأتي كتطور لتقرير رند 2004- الذي وجه وشجع إدارة بوش بشكل مباشر على محاربة "الإسلاميين المتطرفين" عبر: خدمات علمانية (بديلة)، ويدعون لـ"الإسلام المدني"، بمعنى دعم جماعات المجتمع المسلم المدني التي تدافع عن "الاعتدال والحداثة"، وقطع الموارد عن المتطرفين، بمعنى التدخل في عمليتي التمويل وشبكة التمويل، بل وتربية كوادر مسلمة عسكرية علمانية في أمريكا تتفق مصالحها مع مصالح أمريكا للاستعانة بها في أوقات الحاجة.

على اية حال

من الواضح ان الاوضاع في تونس او النموذج الرندي التونسي ( ان صح التعبير ) وخصوصا بعد اول ثورة من ثورات الربيع كان بمثابة معمل اختبار لتلك الدراسات بالاشارة الى وجود الثلاث اطراف مناط تلك البحوث ولهم بالفعل تأثير وقوة على الارض في الداخل التونسي وهم

1- القوة العلمانية برافديها ( الشيوعي والليبرالي ) مع ميل قليلا نحو الشيوعي

2- القوة المعتدلة ممثلة في حركة النهضة والتي تعبر ما يسمى ( الاسلام الوسطي ) او الاسلام الرندي ......

3- الاسلام الجهادي او ما يسمى ( بالمتشدد ) وهو بطبيعة الحال غني عن التعريف ولا سيما هذه المرحلة

وعلى هذا الاساس

يعتبر النموذج التونسي هو بالفعل عينة جيدة لمتخذي القرار في الغرب وبالتأكيد على رأسهم امريكا

فكان هناك اتجاه كبير في المنطقة بعد ثورات الربيع تدشين انظمة سياسية علمانية بمشاركة اسلامية معتدلة مقلمة الاظافر وبدأ بالفعل تطبيق هذا النموذج بتونس

الا ان تطور الاحداث واشتعالها في مناطق اخرى غير السياسات الامريكية نحو المنطقة ولا سيما تحت ضغط اعادة التوازنات بالمنطقة على مستوى القوى الاقليمية الكبرى ....وليس موازين القوى داخل الاقطار ..كما كان متبع

على اية حال ما اريد الوصول اليه هو ترابط الاحداث في المنطقة بمعنى ان الحراك الان في تونس بل حتى في المغرب العربي كله سيرتبط ارتباط وثيق بالاحداث في العراق وسوريا والصراعات الاقليمية وحتى الدولية

وكذلك موازين القوى داخل الاقطار نفسها بالتأكيد سيتأثر وسيتغير بنفس كيفية تغيره اقليميا

وعليه

سيكون الاقرب لاستقراء تلك التغيرات على مستوى النماذج المطروحة او على الاقل المرجو الوصول اليها امريكيا تلك التي ستعكسها الانتخابات التونسية القريبة .....لتظل تونس تلك البلد الذي كان يعوم حتى وقت قريب في اعماق العلمانية

واذا ما قورنت محاولات امريكا وتصورها عن النظام السياسي في العراق لن نجده بعيدا عما يحدث في تونس منذ قيام الثورة التونسية واقصاء بن علي

فها هو رئيس علماني ....وها هم اصحاب الاسلام الوسطي يشاركونه الحكم ..متذرعين بقصفهم المتواصل ....للاسلام (المتشدد )......
وها هو الاسلام ( المتشدد)...يكشر لهم عن انيابه من جديد ولكن هذه المرة تختلف كثيرا عن سابقاتها حيث الحبل السري الذي من الممكن ان يلتصق به مكونا عواصف تطيح ليس فقط بتقارير رند بل ربما بالسياسة الامريكية كلها في المنطقة

على اية حال تقترب الانتخابات التونسية ....وتزداد سخونة التصريحات واظن انه تم رسم الدائرة المسموح بالتنافس داخلها بين الشريكين الرنديين ( العلماني والوسطي ) على اساس مواجهة الثالث او على الاقل منعه من الاتصال بالحبل السري الذي ظهر في افاق بغداد ودمشق

وتبقى تونس هي :

جهاز التنبؤ الادق للنماذج السياسية المطروحة في المنطقة

م / خالد غريب